بسم الله الرحمن الرحيمنصف ساعة قضاها هذا الشاب بين أهل القبور !!أكيد مجنون .. أو أن لديه مصيبة .. والحق أن لدي مصيبة .. أي شخص كان قد رآني متسلقا سور المقبرة في هذه الساعة منالليل كان ليقول هذا الكلام كانت البداية عندما قرأت عن سفيان الثوري رحمه الله انهكان لديه قبرا في منزله يرقد فيه وإذا ما رقد فيه نادى ..( رب ارجعون ربارجعون..) ثم يقوم منتفضا ويقول ها أنت قد رجعت فماذا أنت فاعل ..(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) (المؤمنون:99)
حدث أنفأتتني صلاة الفجر وهي صلاة لو دأب عليها المسلم لأحس بضيقة شديدة عندما تفوته طوالاليوم .. ثم تكرر معي نفس الأمر في اليوم الثاني .. فقلت لابد وفي الأمر شئ .. ثم تكررت للمرة الثالثة على التوالي ... هنا كان لابد من الوقوف مع النفس وقفةحازمة لتأديبها حتى لا تركن لمثل هذه الأمور فتروح بي إلى النار .. قررت أن ادخلالقبر حتى أؤدبها ... ولابد أن ترتدع وأن تعلم أن هذا هو منزلها ومسكنها إلى مايشاء الله ... وكل يوم أقول لنفسي دع هذا الأمر غدا .. وجلست أسول في هذا الأمرحتى فأتتني صلاة الفجر مرة أخرى ..
حينها قلت كفى ... وأقسمت أن يكونالأمر هذه الليلة ذهبت بعد منتصف الليل .. حتى لا يراني أحد وتفكرت .. هل أدخلمن الباب ؟
حينها سأوقظ حارس المقبرة ... أو لعله غير موجود ... أمأتسور السور ..
إن أيقظته لعله يقول لي تعال في الغد.. أو حتى يمنعنيوحينها يضيع قسمي ... فقررت أن أتسور السور .. ورفعت ثوبي وتلثمت بواسطة الشماغواستعنت بالله وصعدت برغم أنني دخلت هذه المقبرة كثيرا كمشيع ... إلا أنني أحسستأنني أراها لأول مرة .. ورغم أنها كانت ليلة مقمرة .. إلا أنني أكاد أقسم أننيما رأيت أشد منها سوادا ... تلك الليلة ... كانت ظلمة حالكة ...
سكونرهيب .. هذا هو صمت القبور بحق تأملتها كثيرا من أعلى السور .. واستنشقتهوائها.. نعم إنها رائحة القبور ... أميزها عن إلف رائحة ..رائحة الحنوط .. رائحة بها طعم الموت الصافي ... وجلست أتفكر للحظات مرت كالسنين .. إيه أيتهاالقبور .. ما أشد صمتك .. وما أشد ما تخفيه .. ضحك ونعيم .. وصراخ وعذاباليم ..
ماذا سيقول لي اهلك لو حدثتهم .. لعلهم سيقولون قولة الحبيب صلىالله عليه وسلم ( الصلاة وما ملكت أيمانكم)
قررت أن أهبط حتى لا يراني أحدفي هذه الحالة .. فلو رآني أحد فإما سيقول أنني مجنون وإما أن يقول لديه مصيبة .. وأي مصيبة بعد ضياع صلاة الفجر عدة مرات .. وهبطت داخل المقبرة .. وأحسستحينها برجفة في القلب ..
والتصقت بالجدار ولا أدري لكي أحتمي من ماذا ؟؟؟عللت ذلك لنفسي بأنه خشية من المرور فوق القبور وانتهاكها ... نعم أنا لست جبانا ... أم لعلي شعرت بالخوف حقا !!!
نظرت إلى الناحية الشرقية والتي بهاالقبور المفتوحة والتي تنتظر ساكنيها ..
إنها أشد بقع المقبرة سواداوكأنها تناديني .. مشتاقة إلي .. وجلست أمشي محاذرا بين القبور .. وكلماتجاوزت قبرا تساءلت .. أشقي أم سعيد ؟؟؟ شقي بسبب ماذا .. أضيّع الصلاة .. أمكان من أهل الغناء والطرب .. أم كان من أهل الزنا .. لعل من تجاوزت قبره الآنكان يظن أنه أشد أهل الأرض ..
وأن شبابه لن يفنى .. وأنه لن يموت كمنمات قبله .. أم أنه قال ما زال في العمر بقية .. سبحان من قهر الخلق بالموتأبصرت الممر ... حتى إذا وصلت إليه ووضعت قدمي عليه أسرعت نبضات قلبي فالقبوريميني ويساري .. وأنا ارفع نظري إلى الناحية الشرقية .. ثم بدأت أولى خطواتي .. بدت وكأنها دهر .. أين سرعة قدمي .. ما أثقلهما الآن ... تمنيت أن تطولالمسافة ولا تنتهي أبدا .. لأنني أعلم ما ينتظرني هناك ..
اعلم ... فقد رأيته كثيرا .. ولكن هذه المرة مختلفة تماما أفكار عجيبة ... بل أكاد اسمعهمهمة خلف أذني .. نعم ... اسمع همهمة جلية ...
وكأن شخصا يتنفس خلفأذني .. خفت أن أنظر خلفي .. خفت أن أرى أشخاصا يلوحون إلي من بعيد .. خيالاتسوداء تعجب من القادم في هذا الوقت ...
بالتأكيد أنها وسوسة من الشيطانولا يهمني شئ طالما أنني قد صليت العشاء في جماعه فلا يهمني أخيرا أبصرت القبورالمفتوحة .. أكاد اقسم للمرة الثانية أنني ما رأيت اشد منها سوادا .. كيف أتتنيالجرأة حتى أصل بخطواتي إلى هنا ؟؟؟.. بل كيف سأنزل في هذا القبر ؟؟؟ وأي شئينتظرني في الأسفل .. فكرت بالاكتفاء بالوقوف .. وأن أصوم ثلاثة أيام .. ولكنلا .. لن أصل إلى هنا ثم أقف .. يجب أن أكمل .. ولكن لن أنزل إليه مباشرة ... بل سأجلس خارجه قليلا حتى تأنس نفسي ما أشد ظلمته .. وما أشد ضيقه .. كيفلهذه الحفرة الصغيرة أن تكون حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة .. سبحانالله .. يبدوا أن الجو قد ازداد برودة .. أم هي قشعريرة في جسدي من هذاالمنظر.. هل هذا صوت الريح ... لا أرى ذرة غبار في الهواء !!! هل هي وسوسة أخرى؟؟؟ استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. ليس ريحا .. ثم أنزلت الشماغ ووضعته علىالأرض ثم جلست وقد ضممت ركبتي أمام صدري أتأمل هذا المشهد العجيب إنه المكان الذي لامفر منه أبدا .. سبحان الله .. نسعى لكي نحصل على كل شئ .. وهذه هي النهاية ... لا شئ
كم تنازعنا في الدنيا .. اغتبنا .. تركنا الصلاة .. آثرنا الغناء على القرآن .. والكارثة إننا نعلم أن هذا مصيرنا .. وقد حذرناالله ورغم ذلك نتجاهل .. ثم أشحت وجهي ناحية القبور وناديتهم بصوت خافت... وكأنيخفت أن يرد علي أحدهم يا أهل القبور.. ما لكم .. أين أصواتكم .. أين أبناؤكمعنكم اليوم .. أين أموالكم .. أين وأين .. كيف هو الحساب ..
اخبروني عن ضمة القبر .. أتكسر الأضلاع .. أخبروني عن منكر ونكير ..
أخبروني عن حالكم مع الدود .. سبحان الله .. نستاء إذا قدم لنا أهلناطعام بارد آو لا يوافق شهيتنا .. واليوم نحن الطعام .. لابد من النزول إلى القبرقمت وتوكلت على الله ونزلت برجلي اليمين وافترشت شماغي ووضعت رأسي .. وأنا أفكر .. ماذا لو انهال علي التراب فجأة .. ماذا لو ضم القبر علي مرة واحده ... ثمنمت على ظهري وأغلقت عيني حتى تهدأ ضربات قلبي ... حتى تخف هذه الرجفة التي فيالجسد ... ما أشده من موقف وأنا حي .. فكيف سيكون عند الموت ؟؟؟
فكرتأن أنظر إلى اللحد .. هو بجانبي ... والله لا أعلم شيئا أشد منه ظلمه .. وياللعجب .. رغم أنه مسدود من الداخل إلا أنني أشعر بتيار من الهواء البارد يأتي منه .. فهل هو هواء بارد أم هي برودة الخوف خفت أن انظر إليه فأرى عينان تلمعان فيالظلام وتنظران إلى بقسوة .. أو أن أرى وجها شاحبا لرجل تكسوه علامات الموت ناظراإلى الأعلى متجاهلني تماما .. أو كما سمعت من شيخ دفن العديد من الموتى أنه رأىرجلا جحظت عيناه بين يديه إلى الخارج وسال الدم من أنفه .. وكأنه ضرب بمطرقة منحديد لو نزلت على جبل لدكته لتركه الصلاة ... ومازال يحلم بهذا المنظر كل يوم .. حينها قررت أن لا أنظر إلى اللحد .. ليس بي من الشجاعة أن أخاطر وأرى أيا من هذهالمناظر .. رغم علمي أن اللحد خاليا .. ولكن تكفي هذه الأفكار حتى أمتنع تماماوإن كنت جلست انظر إليه من طرف خفي كل لحظة ثم تذكرت قول رسول الله صلى الله عليهوسلم لا إله إلا الله إن للموت سكرات تخيلت جسدي يرتجف بقوه وانأ ارفع يدي محاولاإرجاع روحي وصراخ أهلي من حولي عاليا أين الطبيب أين الطبيب ( فلولا إن كنتم غيرمدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين)
تخيلت الأصحاب يحملونني ويقولون لا إلهإلا الله ... تخيلتهم يمشون بي سريعا إلى القبر وتخيلت صديقا ... اعلم انه يحبأن يكون أول من ينزل إلى القبر ..
تخيلته يحمل رأسي ويطالبهم بالرفق حتىلا أقع ويصرخ فيهم .. جهزوا الطوب ... تخيلت احمد .. كعادته يجري ممسكا إبريقامن الماء يناولهم إياه بعدما حثوا علي التراب .. تخيلت الكل يرش الماء على قبري .. تخيلت شيخنا يصيح فيهم ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل .. أدعوا لأخيكم فإنهالآن يسأل ثم رحلوا وتركوني
وكأن ملائكة العذاب حين رأوا النعش قادما قدظهروا بأصوات مفزعة .. وأشكال مخيفة .. لا مفر منهم ينادون بعضهم البعض .. أهو العبد العاصي ؟؟؟
فيقول الآخر نعم .. فيقول .. أمشيع متروك ... أممحمول ليس له مفر ؟؟؟
فيقول الآخر بل محمول إلينا .. فيقول هلموا إليه حتىيعلم إن الله عزيز ذو انتقام رأيتهم يمسكون بكتفي ويهزونني بعنف قائلين ... ما غركبربك الكريم حتى تنام عن الفريضة .. أحقير مثلك يعصى الجبار والرعد يسبح بحمدهوالملائكة من خيفته ... لا نجاة لك منا اليوم ... أصرخ ليس لصراخك مجيب فجلستاصرخ رب ارجعون .... رب ارجعون ... وكأني بصوت يهز القبر والسماوات يملأني يئسايقول (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون:100)
حتىبكيت ما شاء الله أن ابكي .. وقلت الحمد لله رب العالمين ... مازال هناك وقتللتوبة استغفر الله العظيم وأتوب إليه ثم قمت مكسورا ... وقد عرفت قدري وبان ليضعفي وأخذت شماغي وأزلت عنه ما بقى من تراب القبر وعدت وأنا أقول سبحان من قهرالخلق بالموت
خاتمة
من ظن أن هذه الآية لهوا وعبثا فليترك صلاته وليفعل ما يشاء (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون:115)
وليلهووليسوف في توبته .. فيوما قريبا سيقتص الحق لنفسه وويل لمن كان خصمه القهار ولميبالي بتحذيرهوغفر الله لي ولكم أجمعينوجعلنا من أصحاب اليمين
أمين يأرب العالمين
حدث أنفأتتني صلاة الفجر وهي صلاة لو دأب عليها المسلم لأحس بضيقة شديدة عندما تفوته طوالاليوم .. ثم تكرر معي نفس الأمر في اليوم الثاني .. فقلت لابد وفي الأمر شئ .. ثم تكررت للمرة الثالثة على التوالي ... هنا كان لابد من الوقوف مع النفس وقفةحازمة لتأديبها حتى لا تركن لمثل هذه الأمور فتروح بي إلى النار .. قررت أن ادخلالقبر حتى أؤدبها ... ولابد أن ترتدع وأن تعلم أن هذا هو منزلها ومسكنها إلى مايشاء الله ... وكل يوم أقول لنفسي دع هذا الأمر غدا .. وجلست أسول في هذا الأمرحتى فأتتني صلاة الفجر مرة أخرى ..
حينها قلت كفى ... وأقسمت أن يكونالأمر هذه الليلة ذهبت بعد منتصف الليل .. حتى لا يراني أحد وتفكرت .. هل أدخلمن الباب ؟
حينها سأوقظ حارس المقبرة ... أو لعله غير موجود ... أمأتسور السور ..
إن أيقظته لعله يقول لي تعال في الغد.. أو حتى يمنعنيوحينها يضيع قسمي ... فقررت أن أتسور السور .. ورفعت ثوبي وتلثمت بواسطة الشماغواستعنت بالله وصعدت برغم أنني دخلت هذه المقبرة كثيرا كمشيع ... إلا أنني أحسستأنني أراها لأول مرة .. ورغم أنها كانت ليلة مقمرة .. إلا أنني أكاد أقسم أننيما رأيت أشد منها سوادا ... تلك الليلة ... كانت ظلمة حالكة ...
سكونرهيب .. هذا هو صمت القبور بحق تأملتها كثيرا من أعلى السور .. واستنشقتهوائها.. نعم إنها رائحة القبور ... أميزها عن إلف رائحة ..رائحة الحنوط .. رائحة بها طعم الموت الصافي ... وجلست أتفكر للحظات مرت كالسنين .. إيه أيتهاالقبور .. ما أشد صمتك .. وما أشد ما تخفيه .. ضحك ونعيم .. وصراخ وعذاباليم ..
ماذا سيقول لي اهلك لو حدثتهم .. لعلهم سيقولون قولة الحبيب صلىالله عليه وسلم ( الصلاة وما ملكت أيمانكم)
قررت أن أهبط حتى لا يراني أحدفي هذه الحالة .. فلو رآني أحد فإما سيقول أنني مجنون وإما أن يقول لديه مصيبة .. وأي مصيبة بعد ضياع صلاة الفجر عدة مرات .. وهبطت داخل المقبرة .. وأحسستحينها برجفة في القلب ..
والتصقت بالجدار ولا أدري لكي أحتمي من ماذا ؟؟؟عللت ذلك لنفسي بأنه خشية من المرور فوق القبور وانتهاكها ... نعم أنا لست جبانا ... أم لعلي شعرت بالخوف حقا !!!
نظرت إلى الناحية الشرقية والتي بهاالقبور المفتوحة والتي تنتظر ساكنيها ..
إنها أشد بقع المقبرة سواداوكأنها تناديني .. مشتاقة إلي .. وجلست أمشي محاذرا بين القبور .. وكلماتجاوزت قبرا تساءلت .. أشقي أم سعيد ؟؟؟ شقي بسبب ماذا .. أضيّع الصلاة .. أمكان من أهل الغناء والطرب .. أم كان من أهل الزنا .. لعل من تجاوزت قبره الآنكان يظن أنه أشد أهل الأرض ..
وأن شبابه لن يفنى .. وأنه لن يموت كمنمات قبله .. أم أنه قال ما زال في العمر بقية .. سبحان من قهر الخلق بالموتأبصرت الممر ... حتى إذا وصلت إليه ووضعت قدمي عليه أسرعت نبضات قلبي فالقبوريميني ويساري .. وأنا ارفع نظري إلى الناحية الشرقية .. ثم بدأت أولى خطواتي .. بدت وكأنها دهر .. أين سرعة قدمي .. ما أثقلهما الآن ... تمنيت أن تطولالمسافة ولا تنتهي أبدا .. لأنني أعلم ما ينتظرني هناك ..
اعلم ... فقد رأيته كثيرا .. ولكن هذه المرة مختلفة تماما أفكار عجيبة ... بل أكاد اسمعهمهمة خلف أذني .. نعم ... اسمع همهمة جلية ...
وكأن شخصا يتنفس خلفأذني .. خفت أن أنظر خلفي .. خفت أن أرى أشخاصا يلوحون إلي من بعيد .. خيالاتسوداء تعجب من القادم في هذا الوقت ...
بالتأكيد أنها وسوسة من الشيطانولا يهمني شئ طالما أنني قد صليت العشاء في جماعه فلا يهمني أخيرا أبصرت القبورالمفتوحة .. أكاد اقسم للمرة الثانية أنني ما رأيت اشد منها سوادا .. كيف أتتنيالجرأة حتى أصل بخطواتي إلى هنا ؟؟؟.. بل كيف سأنزل في هذا القبر ؟؟؟ وأي شئينتظرني في الأسفل .. فكرت بالاكتفاء بالوقوف .. وأن أصوم ثلاثة أيام .. ولكنلا .. لن أصل إلى هنا ثم أقف .. يجب أن أكمل .. ولكن لن أنزل إليه مباشرة ... بل سأجلس خارجه قليلا حتى تأنس نفسي ما أشد ظلمته .. وما أشد ضيقه .. كيفلهذه الحفرة الصغيرة أن تكون حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة .. سبحانالله .. يبدوا أن الجو قد ازداد برودة .. أم هي قشعريرة في جسدي من هذاالمنظر.. هل هذا صوت الريح ... لا أرى ذرة غبار في الهواء !!! هل هي وسوسة أخرى؟؟؟ استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. ليس ريحا .. ثم أنزلت الشماغ ووضعته علىالأرض ثم جلست وقد ضممت ركبتي أمام صدري أتأمل هذا المشهد العجيب إنه المكان الذي لامفر منه أبدا .. سبحان الله .. نسعى لكي نحصل على كل شئ .. وهذه هي النهاية ... لا شئ
كم تنازعنا في الدنيا .. اغتبنا .. تركنا الصلاة .. آثرنا الغناء على القرآن .. والكارثة إننا نعلم أن هذا مصيرنا .. وقد حذرناالله ورغم ذلك نتجاهل .. ثم أشحت وجهي ناحية القبور وناديتهم بصوت خافت... وكأنيخفت أن يرد علي أحدهم يا أهل القبور.. ما لكم .. أين أصواتكم .. أين أبناؤكمعنكم اليوم .. أين أموالكم .. أين وأين .. كيف هو الحساب ..
اخبروني عن ضمة القبر .. أتكسر الأضلاع .. أخبروني عن منكر ونكير ..
أخبروني عن حالكم مع الدود .. سبحان الله .. نستاء إذا قدم لنا أهلناطعام بارد آو لا يوافق شهيتنا .. واليوم نحن الطعام .. لابد من النزول إلى القبرقمت وتوكلت على الله ونزلت برجلي اليمين وافترشت شماغي ووضعت رأسي .. وأنا أفكر .. ماذا لو انهال علي التراب فجأة .. ماذا لو ضم القبر علي مرة واحده ... ثمنمت على ظهري وأغلقت عيني حتى تهدأ ضربات قلبي ... حتى تخف هذه الرجفة التي فيالجسد ... ما أشده من موقف وأنا حي .. فكيف سيكون عند الموت ؟؟؟
فكرتأن أنظر إلى اللحد .. هو بجانبي ... والله لا أعلم شيئا أشد منه ظلمه .. وياللعجب .. رغم أنه مسدود من الداخل إلا أنني أشعر بتيار من الهواء البارد يأتي منه .. فهل هو هواء بارد أم هي برودة الخوف خفت أن انظر إليه فأرى عينان تلمعان فيالظلام وتنظران إلى بقسوة .. أو أن أرى وجها شاحبا لرجل تكسوه علامات الموت ناظراإلى الأعلى متجاهلني تماما .. أو كما سمعت من شيخ دفن العديد من الموتى أنه رأىرجلا جحظت عيناه بين يديه إلى الخارج وسال الدم من أنفه .. وكأنه ضرب بمطرقة منحديد لو نزلت على جبل لدكته لتركه الصلاة ... ومازال يحلم بهذا المنظر كل يوم .. حينها قررت أن لا أنظر إلى اللحد .. ليس بي من الشجاعة أن أخاطر وأرى أيا من هذهالمناظر .. رغم علمي أن اللحد خاليا .. ولكن تكفي هذه الأفكار حتى أمتنع تماماوإن كنت جلست انظر إليه من طرف خفي كل لحظة ثم تذكرت قول رسول الله صلى الله عليهوسلم لا إله إلا الله إن للموت سكرات تخيلت جسدي يرتجف بقوه وانأ ارفع يدي محاولاإرجاع روحي وصراخ أهلي من حولي عاليا أين الطبيب أين الطبيب ( فلولا إن كنتم غيرمدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين)
تخيلت الأصحاب يحملونني ويقولون لا إلهإلا الله ... تخيلتهم يمشون بي سريعا إلى القبر وتخيلت صديقا ... اعلم انه يحبأن يكون أول من ينزل إلى القبر ..
تخيلته يحمل رأسي ويطالبهم بالرفق حتىلا أقع ويصرخ فيهم .. جهزوا الطوب ... تخيلت احمد .. كعادته يجري ممسكا إبريقامن الماء يناولهم إياه بعدما حثوا علي التراب .. تخيلت الكل يرش الماء على قبري .. تخيلت شيخنا يصيح فيهم ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل .. أدعوا لأخيكم فإنهالآن يسأل ثم رحلوا وتركوني
وكأن ملائكة العذاب حين رأوا النعش قادما قدظهروا بأصوات مفزعة .. وأشكال مخيفة .. لا مفر منهم ينادون بعضهم البعض .. أهو العبد العاصي ؟؟؟
فيقول الآخر نعم .. فيقول .. أمشيع متروك ... أممحمول ليس له مفر ؟؟؟
فيقول الآخر بل محمول إلينا .. فيقول هلموا إليه حتىيعلم إن الله عزيز ذو انتقام رأيتهم يمسكون بكتفي ويهزونني بعنف قائلين ... ما غركبربك الكريم حتى تنام عن الفريضة .. أحقير مثلك يعصى الجبار والرعد يسبح بحمدهوالملائكة من خيفته ... لا نجاة لك منا اليوم ... أصرخ ليس لصراخك مجيب فجلستاصرخ رب ارجعون .... رب ارجعون ... وكأني بصوت يهز القبر والسماوات يملأني يئسايقول (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون:100)
حتىبكيت ما شاء الله أن ابكي .. وقلت الحمد لله رب العالمين ... مازال هناك وقتللتوبة استغفر الله العظيم وأتوب إليه ثم قمت مكسورا ... وقد عرفت قدري وبان ليضعفي وأخذت شماغي وأزلت عنه ما بقى من تراب القبر وعدت وأنا أقول سبحان من قهرالخلق بالموت
خاتمة
من ظن أن هذه الآية لهوا وعبثا فليترك صلاته وليفعل ما يشاء (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون:115)
وليلهووليسوف في توبته .. فيوما قريبا سيقتص الحق لنفسه وويل لمن كان خصمه القهار ولميبالي بتحذيرهوغفر الله لي ولكم أجمعينوجعلنا من أصحاب اليمين
أمين يأرب العالمين